قصص

قصه نفس عميق

من ساعة ما سافرت مع مراد جوزي لأمريكا وحياتي اتغيرت، لا بقيت بنزل ولا بروح اي حتة، ده غير المكان اللي مراد معايا فيه، هو أه مش خايف عليا لاحسن أتوه، بس أنا اللي مش قادرة اختلط بالناس، وده ببساطة عشان لغتي الانجليزية ماكنتش أحسن حاجة، بس ده ماستمرش كتير لاني طورتها وبقيت بتكلم بطريقة تناسب الحوار، وأهو كل ده عشان مابقاش مقطوعة من شجرة، لكن برضه، ده ماكنش حل نهائي للحالة اللي كنت عايشة فيها، انا على الحال ده لاكتر من سنة، بالتحديد لحد ما اتعودت على روتيني اليومي، أصلي مابعملش حاجة غيره، هو في ايه غير أكل وتنضيف وقعدة على التلفزيون!، لكن الاستثناء الوحيد هو يوم الخميس، السهرة اللي بيحضرّهالي مراد عشان أفك من اللي أنا فيه، وحتى دي بقت قعدة روتينية، واجب على مراد، مابحسش فيها بالمشاعر اللي كنت كل ليلة خميس بحسها معاه وبتعوضني عن ملل الاسبوع، وبس.. مرت الأيام على نفس الحال، وفي ليلة خميس، مراد عزمني على العشا برة، قالي إن فيه مفاجئة هعرفها في المطعم، ومن بعد كلامه، لبست فستان كنت لسه شارياه اونلاين وحطيت ميك اب خفيف يليق مع الفستان، بعدها طلعت برة، وأول ما مراد شافني قالي:

-يا سلام عليكي يا رورو وانتي رايقة، قمر يا حبيبتي.

-والله رورو تعبت وعايزة ترجع مصر.

-معلش يا حبيبتي، انا قولتلك اشوفلك شغل هنا وانتي رفضتي، يبقى نستحمل شوية، نستحمل لحد ما قريب أوي هننزل زيارة لمصر.

-أهو كلام وبعده بتنشغل في الشغل، بس هنقول ايه، حلمك وعايز تحققه.

خدني في حضنه ورضاني وبعدها نزلنا، ولما وصلنا المطعم وطلبنا الأكل، وبعد ما خلصنا، مسك ايدي وبص في عيني.

-عشان التعب اللي انتي تعبتيه معايا الفترة اللي فاتت دي، انا خدت أجازة، خمس ايام بحالهم، وعلى فكرة، انا حاولت أظبط نزولة لمصر، بس كان صعب ننزل يومين ونرجع، وعشان كده قررت نقضي اليومين دول في رحلة، أنا وانتي وبس.

-والرحلة دي هيبقى شكلها ايه، معسكر في البيت؟

ساب ايدي ووشه اتقلب، بعدها مسح عينه بـ ايديه وخد نفس عميق.

-يا حبيبتي، يا حياتي، أنا بحاول أسعِدك.

رجعت مسكت ايده ورديت عليه وانا مبتسمة:

-ايه، بهزر يا سيدي، ماتقفلش وشك كده، يلا قولي بقى، الرحلة فين؟

-بيت صيد على بحيرة في الغابة، خدت مفاتيحه من روبرت صديقي في الشغل، واهو هنقضي الكام يوم دول على البحيرة سوا، ده غير ان في كمان حفلة بتتنظم في الغابة يوم الاتنين من كل اسبوع وهنحضرها مع بعض، ها، قولتي ايه؟

مانكرش اني اتبسط وحسيت بتجديد واتحمست للرحلة، وعشان كده رديت عليه وانا مبسوطة:

-أول مرة تقترح اقتراح حلو يا مراد، بس هنروح امتى؟

-يوم الحد الجاي، أول يوم اجازة ليا.. السبت بليل هنتحرك وننام هناك ونلحق اليوم من أوله، اهو اي خدمة، عشان تعرفي اني مدلعك.

-وأي دلع، ده أنت ماتعرفش أنا مبسوطة قد ايه.

وبعد ما خلصنا كلامنا وقعدتنا مشينا من المطعم ورجعنا البيت، بعدها عدى كام يوم لحد ما جه يوم السبت، يومها ظبطت شنطنا والأكل بتاع الخمس ايام واستنيت مراد يجي، وأول ما وصل دخل البيت وطلب مني اقفل الانوار على ما هو ينزل الشنط العربية، ولما خلصت كان هو ظبط كل حاجة وركبنا العربية واتحركنا على هناك، الطريق للغابة كان مضلم، يدوبك بس كنا شايفين من نور العربية العالي، لكن وف نص الطريق، شوفنا واحد واقف، وقتها برق مراد وزعقله عشان يبعد عن الطريق، لكنه فضل ساكن، مش بيتحرك، ومع وقفته الغريبة دي، مراد فرمل بالعربية وللأسف ماقدرش يفاديه وخبطناه، لما وقفنا كل حاجة كانت سليمة، العربية ماحصلهاش حاجة.. طلع مراد منها عشان يتطمن على الراجل، لكنه اختفى، كأنه فص ملح وداب، ماكنش موجود من الأساس، وعلى الرغم من ان اعصابنا كانت سابت، الا اننا كملنا طريقنا عادي لحد ما وصلنا للبيت.. بيت البحيرة زي ما سماه مراد، وده لأنه أول ما شافه قالي:

-بيت البحيرة، لايق عليه أوي الاسم ده، شايفة.. شايفة المكان مبهر ازاي؟

-والله انا ما شايفه حاجة، الدنيا ضلمة كحل وانا اعصابي لسه سايبه من حادثة الطريق الغريبة اللي حصلت من شوية.

لحظة ماكنت بتكلم مراد دخل البيت وولع الأنوار، وقتها شوفت منظر مبهر، بيت من الخشب قصاد بحيرة مايتها راكده، وعلى شط البحيرة مركب صغيرة للصيد، وكل ده غير منظر الغابة والشجر العالي اللي شايفينه حوالينا، بس قطع اللحظة الحلوة دي صوت مرعب جاي من الغابة، فجريت لحضن مراد وقولتله:

-اهو ده اللي كنت خايفة منه.

رد عليا وهو بيضحك:

-ماتخافيش، اليومين الجايين هتتعودي على اصوات الحيوانات.

-طب ينفع نخش جوة والصبح نبقى نعمل اللي احنا عايزينه؟

-طول عمرك خوافه، بس انا فعلا محتاج انام.

دخلنا البيت اللي كان عبارة عن دور وبدروم تحتيه، وبما سألت مراد عن لازمة البدروم، قالي ان فيه ادوات للصيد، اما البيت نفسه، فعبارة عن اوضتين وريسبشن كبير ومافيهوش غير راديو قديم، معاهم كام كرسي جلد.. بس اللي شد انتباهي هو ديكور المكان، عبارة عن حيوانات متحنطة ومحطوطين في براويز متعلقين على الحيطة، غير كام صورة لعيلة روبرت متعلقين بشكل منظم، وفجأة حسيت إني في فيلم قديم، مبسوطة ومش عايزة أصحى منه، بس للأسف وقت النوم كان جه وأنا ماكنتش قادرة، فقفلنا البيت كويس ودخلنا الأوضة، وبمجرد ما مراد حط راسة على المخدة نام، لكن انا فضلت صاحية شوية، بفكر في اليوم واللي حصل على الطريق، ومن الإرهاق دماغي تقلت وكنت خلاص هروح في النوم، بس.. بس وقتها سمعت صوت ناس كتير بتصرخ من تحت، من البدروم، حاولت أصحى مراد عشان يقوم يشوف في ايه، لكن نومه كان كالعادة كان تقيل وماصحيش، وقتها الصوت زاد عن حده، فقومت أنا من على السرير واتحركت للباب اللي بيودي لسلم البدروم، فتحته و دورت على زرار اللمبة لحد ما لقيته ودوست عليه، لكن اللمبة مانورتش والصوت سكت فجأة، في اللحظة دي ومن غير أي مقدمات حسيت بايد شدتني من رجلي، وقعت واتدحرجت على السلم لحد ما وصلت أرض البدروم، جسمي اتكسر وريحة التراب خلتني أكح، بصوت مهزوز.

-مممين.. مين هنا؟

سمعت صوت خطوات اقدام جنبي ومعاها صوت واحدة ست.

-أرجوك سيبني، أنا ممكن أديك كل حاجة، بس سيب السلاح من ايدك، أرجوك.

قالت أخر كلمة وصوتها بدأ يروح!، بعد كده سمعت صوت حاجة حادة اخترقت جسم اللي بيتكلم، وف نفس الوقت سمعت الشخص التاني وهو بيتهته في الكلام:

-ري ري ريحة الدم، وطعمه، طعم م م موت.

قومت من على الأرض وانا بدور على مكان السلم، وبمجرد ما رجلي جت على أول سلمة ولسه هطلعها، حسيت بإيد تانية شدتني من رقبتي، صرخت بصوت عالي على أمل ان مراد يسمعني، ومن الرعب الدموع نزلت من عيني وفضلت اتوسل للشخص او القاتل اللي جنبي من غير ما اشوف ملامحه، لأن المكان كان مظلم، انه يسيبني، روحي كانت بتروح وكل اللي كنت قادرة احدده هي ريحة الدم، ريحة بشعة.

-ا ا.. انتي مين؟

ده كان سؤال القاتل اللي رديت عليه وأنا مرعوبة:

-أنت اللي مين، وازاي دخلت هنا من غير ما نحس.

ضحك بهستيرية وبعدها بدأ يبكي.

-م م مش لازم أعرف انا مين، بس ا ا انتي هتموتي، ز ز زيك، زيهم.

وكمل كلامه وهو بيبكي ويضحك في نفس الوقت:

-ك ك كلكم هتموتوا.

-أرجوك، أنا ممكن أديك أي حاجة، بس سيبني، ارجوك سيبني.

قبل ما انطق كلمة كمان، حسيت بسكينة حادة اخترقت رقبتي ووقعت على الأرض وانا مش مستوعبه اللي بيحصل، لكن أخر حاجة فاكراها اني لما وقعت.. وقعت على الجثة التانية، بعدها القاتل شالني ووداني مكان مش مألوف لحد ما قطعت النفس، لكنه مش النفس الأخير، لأنه ببساطة ماكنش حقيقة، ده كان كابوس عيشت فيه، ولما صحيت منه، جسمي كله كان عرقان، ولما بصيت جنبي عشان أشوف مراد فين، ماكنش موجود، فناديت عليه بعلو صوتي لحد ما رد عليا، ومافيش، لحظات ودخل الأوضة وهو معاه صينية أكل، حطها قدامي.

-صباح النور على قمري، ايه الجماى ده، طب انتي عارفة اني بحب شكلك اوي وانتي لسه صاحية؟

ماكنتش قادرة أخد نفسي، حاسة بحاجة تقيلة على صدري، بس رغم اللي كنت حاسة بيه، حاولت أنسى الحلم وخدت نفس عميق قبل ما أرد عليه:

-يا حبيبي دي عيونك، ثم ايه الدلع ده كله؟

-انتي لسه شوفتي دلع، ده انا محضرلك كام مفاجئة انما ايه، هتدعيلي عليهم.

-بدعيلك من غير أي مفاجئات، وبعدين احنا هنفضل نبص لبعض كده كتير، يلا ناكل.

-يا سلام.. ناكل طبعا.

أكلنا وبعدها طلب مني ألبس عشان نخرج، ولما سألته هنروح فين، ماردش عليا، قالي انها مفاجئة، فلبست وطلعتله برة، وساعتها خدني من ايدي وربط عيني، اتمشينا حوالي ربع ساعة، بعدها طلب مني أشيل الرباط فشيلته وحطيت ايدي على وشي من المنظر، كان فيه شلال وسط الغابة، مايته صافية والمكان جميل، خدت مراد بالحضن وشكرته، بعدها قلعت الشوز ونزلت رجلي في ماية الشلال، ومع فرحتي خدت كام صورة للذكرى وقعدت ارغي أنا ومراد شوية، ووسط ماحنا بنتكلم حسيت بصداع شديد، وفي لحظة ماية الشلال اتغيرت، بقى فيها جثث كتير، جثة منهم لمست رجلي، برقت وقومت مخضوضة، ومن الخضة مراد قام هو كمان وسألني مالي.. ماعرفتش أرد عليه، ماعرفتش انطق لأن المنظر رجع طبيعي مرة تانية، كأن مافيش حاجة حصلت، بلعت ريقي بصعوبة واتنفست بهدوء ورجعت قعدت تاني، وبعد ما قعدت مسكت ايده عشان يرجع ويقعد هو كمان.

-مالك يا مروة، خضتيني، كأنك شوفتي عفريت.

-العفريت الحقيقي شوفته امبارح بليل، لما انت نمت.

-شوفتي عفريت!، ازاي يعني، انتي كويسة يا مروة؟

-حلم يا مراد، حلمت بعفريت ولا قاتل، ماعرفش بقى، بس هو بيتهته.

-بيتهته كمان؟.. لا ده انتي دماغك راحت لبعيد اوي.

-اسمعني بقى يا أخي، كل اللي حصل اني سمعت صوت جاي من البدروم، صوت ناس كتير بتصرخ، ولما نزلت اشوف فيه ايه، لقيت قاتل مع ضحية من ضحاياه.

وقبل ما اكمل كلامي، ضحك وهو بيرد عليا:

-ها، وايه كمان، يعني سمعتي صوت ناس كتير ولما نزلتي لقيتي ضحية واحدة، هعديها، انما فتحتي باب البدروم ازاي وهو اصلًا مقفول والمفتاح بتاعه معايا.

-ماعرفش بقى يا مراد، قولتلك حلم، ايه، حرام احلم.

-لا مش حرام، بس اللي حصل من شوية كان غريب، بصي، غيري الموضوع، خلينا نستمتع، احنا مش هنتخانق هنا كمان.

-اه، أنا بقول كده برضه.

بعد كده قعدنا شوية لحد ما رجعنا بيت البحيرة، وقتها الليل كان ليل، فمراد ولع شوية حطب واتلمينا حواليه وقعدنا قصاد البحيرة نرغي، وماتستغربوش الرغي ده كله، احنا بنعوض سنين كنا بنشوف بعض فيها صدفة، ولما كنا بنتقابل.. الصمت كان بيبقة ملازمنا معظم الوقت، يا كنا بنتخانق.. المهم، عدت ساعة او اتنين، مش عارفة قد ايه بالظبط، بس فجأة سمعت صوت ناس بتصرخ من جوة البيت!
تتبع…
نفس عميق
٢
عدت ساعة او اتنين، مش عارفة قد ايه بالظبط، بس فجأة سمعت صوت ناس بتصرخ من جوة البيت!.. اتخضيت وبصيت لمراد وانا بقوله:

-سمعت اللي انا سمعته دلوقتي؟.. فيه.. فيه ناس..

مراد اختفى، كأن الأرض اتشقت وبلعته، ولما ناديت عليه ماردش، انا كل اللي سمعته هو صوت القاتل!

-س س سيبتيني لوحدي ليه، انتي زيهم.

لما بصيت ناحية الصوت، شوفت شخص لابس على وشه شوال وقاطع مكان عينيه وبوقه ومناخيره عشان يتنفس، بلعت ريقي بالعافية ورديت عليه وانا خايفة:

-انت.. انت وديت مراد فين؟

-ق قص قصدك ده؟

قال سؤاله وهو بيشاور على شخص ماسك رقبته، وبابتسامه باينه تحت الشوال، رفع ايده التانية، كان ماسك فيها سكينه حاده، بتلمع من ضوء القمر، وفي لحظة، سحب السكينة على رقبة مراد، وقتها حسيت بدم مراد جوزي اللي اتدبح قصاد عيني، وقتها رجلي اتخشبت مكانها من الخوف، كل اللي قدرت عليه هو العياط، دموع كتير نزلت من عيني، دموع كانت سبب في سعادة القاتل اللي واقف قصادي.

-ت ت توماس سعيد، دل دل دلوقتي جه دورك انتي كمان.

ورفع ايده بالسكينة اللي لما بصيت عليها شوفت شكلي، وشي شاحب، الدموع على خدي، مبتسمة ابتسامة غريبة، وقبل ما الاقي مصيري، سمعت حد بينده عليا، ركزت مع الصوت، كان صوت مراد، فوقت عليه ولقيتني قاعدة قدام البحيرة، او بمعنى اوضح، نايمة على كتفه والدموع بتنزل من عيني!

-مالك يا مروة، انتي بتعيطي!

حط ايده على وشي ومسح دموعي، وقتها انا شيلت راسي من على كتفه، ماكنتش عارفة أقوله ايه، انا حلمت بالسفاح مرة تانية، بس سفاح ايه وهو فين اصلا، الظاهر.. الظاهر انه جوة عقلي انا بس اللي بشوفه، اه، ماهو مش مجرد قاتل، مافيش قاتل يبقى شكله كده، سرحت لثواني وفكرت في رد سريع قولته لمراد.

-مافيش.. دي.. دي حشرة صغيرة دخلت في عيني.

-حشرة!.. طب هاتي عينك لما اشوفها لا تتأذى.

دعكت عيني وانا برد عليه:

-لالا، ماتقلقش.. انا بقيت كويسة، لما دعكتها بقيت تمام.

اتاوبت وعملت نفسي عايزة انام، وبعدها كملت كلامي.

-مش قادرة، أنا عايزة أنام دلوقتي، ينفع نخش ننام؟

-أه طبعا ينفع، أنا كمان تعبت، بس انتي متأكدة إنك تمام ؟

-انا تمام.. بس عايزة أنام، يلا نقوم.

هز راسه وهو مستغرب، بعدها قام وخدني معاه ودخلنا الأوضة، وبمجرد ما حط راسه على المخدة نام، اما انا ففضلت صاحية وانا بفكر، لحد ما دماغي وجعتني وروحت في النوم، ولما صحيت تاني يوم مالقتش مراد جنبي، ناديت عليه، والمرادي ماردش عليا، فقومت من على السرير وطلعت برة الأوضة، دورت عليه في كل مكان، مالقتهوش، اتخضيت وقلبي اتقبض، لكن ارتحت شوية لما سمعت صوت حد جاي من البدروم، بديهي عرفت انه مراد، خدت بعضي واتحركت ناحية باب البدروم اللي لقيته مفتوح، ده غير ان في نور جاي من عنده، قربت منه ونزلت بخطوات بطيئة.

-مراد، انت بتعمل ايه تحت؟

حد رد عليا بس بصوت مكتوم ماقدرتش أسمعه، ولاني ماسمعتوش رديت بصوت عالي.

-انت بتقول ايه.. انا مش سامعه حاجة.

في اللحظة دي نزلت ولقيت نفسي قدام باب تاني..باب مفتوح بيودي لمكان تحت الارض، فنزلت على أمل اني الاقي مراد، في الأول سمعت صوت حاجة بتتقطع، بس لما نزلت، لقيت نفسي في اوضة ضيقة، وحاجة سخنة جت على وشي، رفعت عيني وبمجرد ما بصيت شوفت السفاح، كان بيقطع في ضحية من ضحاياه وهي حية، بس مش بتتألم ولا بتطلع صوت، كانت خلاص.. قطعت في النفس، جسمي اترعش وبصيت للسفاح اللي ماكنش لابس الشوال على وشه، ملامحه كلها كانت واضحة قدامي، ملامح بشعة، عينيه الاتنين مش على خط مستقيم وبوقه معوج، حتى سنانه كانت مدببه، وبين السِنه والتانية فرق كبير، أول ما شافني رفع السكينة ناحيتي وقالي:

-ا ا انتي هتبقي مكانها، كل كل كلكوا هتموتوا، حتى مراد.

ماعرفش عرف اسم جوزي منين، لكن اللي انا متأكده منه، إن اللي بيحصل ده مش خير، وكل اللي قدرت اعمله في اللحظة دي اني خدت بعضي وجريت، طلعت من السرداب على البدروم، ومن البدروم لفوق، بس انا مالحقتش اهرب وخبطت في شخص، وبسبب الخبطة وقعت على الأرض وفضلت اصرخ وانا بعيط.

-ارجوك ماتقتلنيش، انا ماعملتش حاجة، والله العظيم ماعملت حاجة.

رد عليا الشخص اللي واقف قدامي وقالي:

-اقتلك ايه وهبل ايه اللي انتي بتقولي ده يا مروة.

الشخص ده كان مراد، أول ما شوفته قومت من على الارض واترميت في حضنه وفضلت ابكي من الرعب، ومع رعبي وعياطي طلبت منه نمشي من هنا، قولنله ان المكان ده مش مظبوط وفي سفاح موجود في السرداب، طبطب عليا وحاول يهديني وهو بيقولي.

-اهدي يا مروة، اهدي يا حبيبتي، مافيش حد في البيت هنا غيرنا احنا الاتنين، انتي اكيد بيتهيألك.

-طب والبدروم، ازاي اتفتح؟.. والسرداب، جه منين؟

-يا حبيبتي انا كنت نازل احضر عدة الصيد، ولما لاحظت وجود باب قديم، فتحته ولقيت سلم أخره اوضة، وتقريبا كده الاوضة دي معمولة عشان الناس تستخبى فيها تحت الارض لو حصل حاجة، وعشان تطمني اكتر، تعالي معايا ننزل ونشوف المكان، وانا بنفسي هوريكي ان مافيش حاجة من اللي في دماغك دي خالص.

-لا لا لا.. ننزل ايه، انا مش عايزة اشوفه، دده.. ده هيقتلني يا مراد، والله العظيم هيقتلني.

-يقتلك ايه يا حبيبتي، ده انا ادبح اللي يفكر بس يمس شعرة منك.

خدني من ايدي زي الاطفال ونزلنا من البدروم للاوضة، وقتها كانت اوضة فاضية، مافيهاش غير أثار حريق أو جير:

-ها؟.. لسه خايفة؟.. شوفتي بقى ان كان بيتهيألك، وبعدين احنا ماكنش ينفع مانجيبش المهدأت اللي احنا منتظمين عليها معانا.

-بس انا مش مجنونة يا مراد، والدكتور قالي بطليها لو عايزة.

-عشان انتي اللي طلبتي منه تبطليها وهو تعب منك، بس مش ده موضعنا، احنا فاضلنا يومين على السفرية، واليومين دول هنقضيهم بالطول والعرض، لكن واحنا بنقضيهم، بوعدك اهو ان لسه عندي حاجات حلوة كتير، واولها المفاجئة اللي انا عاملهالك بليل.

خدت نفس عميق ورديت عليه وانا مبتسمة:

-الظاهر اني فعلا تعبانة، انا هطلع اريح شوية لبليل، وانت اطلع اصطاد زي ما كنت ناوي.

-لا يا ستي، انا هقعد معاكي، هو انا يعني عندي كام رورو؟

وفعلا، قعد معايا لحد ما معاد الحفلة جه، أصل المفاجئة اللي كان محضرهالي هي حفلة بتتعمل في الغابة كل يوم اتنين، والحفلة دي بيقعدوا فيها الشباب يشربوا وياكلوا، واهو، يبقى وقت ممتع وف نفس الوقت تجربة مختلفة، ولما مراد قالي ليه مانرجعش شباب ونجربها احنا كمان، مارضيتش احبطه ولبست ونزلت معاه، بعدها خدنا العربية ودخلنا جوة الغابة، ولما دخلنا اكتر واكتر سمعنا صوت أغاني عالية من بعيد، عرفنا منها اننا قربنا، وأول ما وصلنا، شوفت قدامي شباب كتير، كل واحد منهم ماسك ازازة بيرة وبيرقص، في خيم في كل حتة، تدفع وتخش، وقتها تعمل اللي انت عايزة وماحدش هيكلمك، في اللحظة دي حسيت إني مش مرتاحة، وإن المكان مش شبهنا، لكن مراد كان مستمتع وبيرقص على الأغاني، ومع وقفتي وضيقي من الجو شوفت واحدة معدية ومعاها صندوق بيرة، وقفها مراد وأخد منها ازازتين، اداني واحدة وهو بدأ يشرب في التانية، بعدها قعدنا على جزع شجرة، ولما قعدنا شربت ازازة البيرة اللي معايا، وبمجرد ما شربتها حسيت بصداع شديد، بطني اتقلبت وحسيت إني عايزة أرجع، لكن ده مش من البيرة، انا مش أول مرة اشرب، اكيد في حاجة غلط، حاجة مش مظبوطة في المكان أو في الازازة اللي في ايدي، ايوه، انا صح، دي ماطلعتش بيرة، دي محطوط عليها حاجة تانية، حاجة خلتني في عالم موازي، شايفة قدامي حد بيجري من بعيد وماسك في ايده سلاح، حد لابس على وشه شوال، والحد ده دخل الحفلة وبالسلاح اللي في ايده ضرب نار على اللي قاعدين، وقتها لقيت نفسي وسط مذبحة بشرية، ناس كتير بتقع، وناس أكتر بتهرب، لحد ما جه دوري، وبرصاصة في نص دماغي وقعت من على جزع الشجرة، بس ماموتش، ده كان تأثير البيرة والشيء المخلوط فيها، ايوه.. انا قومت مرة تانية وبصيت في عين مراد وفضلت اضحك، بعدها كملت عياط، ولما سألني مالك، ماعرفتش أرد عليه، ماقولتش غير كلمة “السفاح”، أول ما سمعني بقول كده اتعصب عليا، اتهمني بالجنون، بس انا ماكنتش معاه، انا كنت تايهة، وبسبب توهاني سيبته وقومت اجيب ازازة تانية، روحت ناحية شابة قاعدة على جزع شجرة وجنبها صندوق فيه ازايز بيرة، وقفت قدامها وطلبت ازازة، لكنها رفضت، بحجة اني صعبت عليها من شكلي المبهدل، وقتها قعدت قصادها وفضلت أعيط، هدت فيا، ولما سألتني مالك، قولتلها اللي حصل واني شوفت سفاح قتل كل الناس اللي هنا، في اللحظة دي ملامح وشها اتغيرت وقالتلي:

-انتي متأكدة من اللي انتي بتقولي؟

رديت عليها وأنا عندي زغطة:

-أه.. متأكدة..

-بس معنى اللي انتي بتقولي دلوقتي ده إنك عارفة حاجة.

-عارفة ايه؟

-من زمن طويل، وفي المكان اللي احنا قاعدين فيه دلوقتي ده، حصلت مجزرة بشرية، سفاح لابس شوال على راسه وعامله زي قناع، دخل وصفى معظم الموجودين في المكان، لدرجة إنه عمل حالة رعب شديدة في الغابة لفترة طويلة، ولما عدى على الموضوع ده كام شهر، الشرطة قدرت تحدد مكان السفاح، كان بيت على بحيرة مش بعيدة من هنا، راجل مخبول ومشوه، مريض نفسي انعزل عن العالم، ولما الشرطة عرفت مكانه واتجمعوا حوالين البيت، ماكنش قدامه مفر، يا يسلم نفسه، يا يقتحموا المكان ويصفوه، وزي ما فكر برة الصندوق طول حياته، دلق بنزين على نفسه وعلى الأرض، وبرصاصة، ولع في المكان وفي نفسه، وقتها فضلت النار قايده في البيت ساعة او اكتر، لحد ما جت عربية طفت الحريق، وبعد بحث، قدروا يلاقوا جثة توماس متفحمة، مش باين من ملامحه المشوهة حاجة، وبس، من ساعتها انتهت قصة سفاح دب الرعب في قلوب ناس كتيرة، انما دلوقتي، خلاص، مافيش سفاح ولا فيه توماس.

فضلت اضحك على كلامها بهستيرية، بعدها بصيت في عينيها لقيتها حزينة، ومع حزنها اللي ظهر كملت كلامها ليا.

-جدتي كانت من الناس اللي ماتت هنا، انا عذراكي إنك بتضحكي، واضح انهم كتروا المادة في البيرة، لكن انتي عرفتي ده كله منين، انتي مش امريكية، واضح من ملامحك انك مصرية ولهجتك في الانجلش مبينه ده كويس اوي.

سقفتلها زي الاطفال ورديت عليها وانا مكملة في الضحك:

-براڤو عليكي، عرفتي لوحدك؟

-انا اعرف حاجات كتير من ساعة الحادثة، واللي اعرفة دلوقتي انك لازم تمشي، واضح عليكي التعب والارهاق.. لكن قوليلي، انتي قاعدة فين، انا هخدك معايا بعربيتي، اكيد مش هتسوقي المسافة دي كلها لوحدك.

-لأ.. مانا قاعدة في البيت، اللي انتي….

مالحقتش أكمل الجملة وبطني اتقلبت وجت لي حالة قئ رهيبة، وفي اللحظة دي بدأت أفقد الوعي..
تتبع..
نفس عميق
٣
مالحقتش أكمل الجملة وبطني اتقلبت وجت لي حالة قئ رهيبة، وفي اللحظة دي بدأت أفقد الوعي، ولما فقدت الوعي وبعدها فوقت، كنت على سريري، ممدة ومراد قاعد جنبي ومتضايق، حاولت اسند ضهري، ماقدرتش، جسمي كله كان مكسر.

-أنا.. أنا أسف يا حبيبتي، فكرة اننا نروح مكان زي ده من الأول غلطة، بس أنا قولت لنفسي نغير جو ونشوف وشوش جديدة، واهو نرجع شباب زي ما كنا، لكن ماعرفش انك كنتي هتتعبي بالشكل ده، ولا حتى كنت اعرف ان البيرة مخلوطة.

-مراد.. هو حصل ايه اصلا، وبيرة ايه اللي انت بتتكلم عنها، انا مبطلة الكلام ده من سنين زي ما انت كمان مبطل.

-هو انتي مش فاكرة حاجة خالص؟

وقتها حسيت بصداع شديد وبدأت افتكر الحلم اللي حلمته.

-هو انت حلمت نفس الحلم ولا ايه يا مراد، انا حلمت اني في مكان فيه شباب كتير، ووقتها شوفته تاني، ال…

ماقدرتش اكمل الجملة ودخلت في نوبة هلع، انكمشت على السرير وبدأت أترعش والدموع نزلت من عيني.

-السفاح يا مراد، السفاح هيقتلني.

خدني في حضنه وقالي:

-اهدي يا مروة، ماحدش هيقدر يلمسك وانا عايش، انا اللي غلطان، يا ريتني كنت نزلتك مصر بدل السفرية المنيلة دي.

بدأت أبص حواليا واستوعب انا فين، لما ركزت افتكرت اني في البيت.. بيت السفاح، اترعشت اكتر وقولت لمراد:

-هنا.. هنا السفاح عاش ومات، ارجوك يا مراد، يلا نمشي من هنا قبل ما يقتلنا انا وانت.

-هو مين يا حبيبتي، احنا ف بيتنا.. او يعني في البيت اللي قاعدين فيه، بيت البحيرة.

-لأ.. احنا في بيت السفاح، هي قالتلي كده، ايوه، انا قعدت معاها وحكيتلي كل حاجة، مراد، احنا لازم نمشي من هنا.

-حاضر، هنمشي، بس اهدي، بكرة الصبح يبقى يحلها الحلال.

-بكرة ايه!.. لأ، دلوقتي يا مراد، نتحرك دلوقتي، انا مش هموت هنا.

وكملت كلامي وانا بعيط:

-ارجوك يلا نمشي، السفاح هيقتلني، توماس هيقتلني.

الدموع نزلت من عين مراد اللي كان قاعد جنبي ومش عارف يعملي ايه، ولا حتى كان فاهم اللي بيحصل، ومع عدم فهمه للي انا فيه، ماكنش قدامه غير انه يسمع كلامي، جوزي قام ولم الهدوم وقفل الشنط، ولما خلص طلب مني أقوم عشان نمشي، لكن انا ماكنتش قادرة وجسمي كله بيترعش، ومع رعشتي في حاجة وقعت برة وعملت صوت قوي، استغرب مراد وخرج من الأوضة وهو بيقولي:

-طب ارتاحي لحظة يا حبيبي لحد ما أشوف ايه اللي وقع برة.

مش عارفة ليه قلبي اتقبض، كنت عايزة أقوله ماتطلعش بس مش قادرة، في حاجة جوايا منعتني، كأني متكتفة، لكن بعدين عرفت انه خوف.. خوف اتملكني لما تخيلت اللي ممكن يحصل أو ممكن أشوفه بعد لحظات، وف لحظة سمعت صوت مراد بيصرخ، بعدها سكت، ندهت عليه، ماردش، قومت من مكاني وانا جسمي كله بيترعش، كنت بنده عليه زي أم ابنها تاه منها، وقتها الدموع كانت بتنزل من عيني بتلقائية، تحسبا للي هشوفوا بعد ما اطلع برة الاوضة، وفعلا، لما طلعت شوفته.. السفاح، كان واقف ومديني ضهره ولابس نفس القناع، بس من قريب ماكنش شوال، ده قناع جلد، مختلف عن اللي شوفته في الحلم، كان رابط مراد في الكرسي وحاطط لزقة على بوقه، أول ما مراد عينه جت في عيني، خاف، كأنه بيقولي اهربي، ده طلع حقيقي.

وقتها السفاح خد باله من نظرات مراد ولف ضهره ليا وابتسم:

-توماس.

دي كانت ردة فعلي لما لف وشه ليا، اما هو، فرده عليا كان غريب ومرعب في نفس الوقت، ده قلع القناع وهو بيقولي:

-انا روبيرت يا مروة، واضح كده إن توماس ظهرلك انتي كمان، شكله بيختار الناس الحلوة ويظهرلها، أصله كان بيحبهم، زي ما بيحكيلي عنك دلوقتي، أه، ما هو سامعني في كل وقت وبيرد عليا كمان.

رديت عليه وانا بطلع الكلمة بالعافية:

-انت.. انت اكيد مجنون.

قرب مني و شدني من شعري، بعدها شمه وسط غضب شديد من مراد، لكن ما باليد حيلة، انا كنت مستسلمة، جسمي كان تقيل، كأني وقعت من الدور التالت وعضمي اتكسر.

-ابعد عني… سيبني..

رفع دراعه واداني بالقلم، في اللحظة دي حسيت إن الزمن وقف لثواني، عيني كانت في عين روبيرت وانا حاطة ايدي على خدي، شعري كان منعكش وجسمي بينزل عرق كتير، وقتها روبيرت شدني وربطني في كرسي جنب مراد وقعد قصادنا وطلع سيجارة من جيبه، ولعها وبصلنا احنا الاتنين وقالنا:

-تعرفوا، أنا مابحبش السجاير، بس لحظة زي دي محتاجة سيجارة، اصل منظركوا يجنن من بعيد، احساس الانتصار غالب عليا دلوقتي، وعشان كده قررت أشاركوا ماضي عاشه جدي، توماس، حياته كانت مأسوية، وليه كل ده، كل ده عشان شوية لغبطة في چيناته هو ماكنش السبب فيها، لدرجة إن جدي ابراهام، والده، اتبرى منه، رماه في الشارع لأنه شاف إنه عبء شديد عليه، وقتها توماس قرر يعيش بعيد عن أبوه، قعد في الغابة وبنى بيت بالفلوس اللي خدها قبل ما يمشي، ولما حاول يتقرب من بنات كتير في الحفلات اللي كان بيحضرها في الغابة، كانوا بيبعدوا عنه وبيتريقوا عليه، حتى الشباب كانوا بيستخدموه كمادة خام للسخرية، لحد ما لقى بنت اسمها هيفين، بنت جميلة، قربت منه اكتر من أي حد، وفي يوم راحت معاه بيت الغابة، وكان لسه هيعمل معاها علاقة، لقى شباب كتير واقفين قصاده، بيتنمروا عليه وعلى شكله، وقتها توماس فهم ان كل اللي عاش فيه الفترة الأخيرة، كان قصة حب مزيفة، كدبة صنعتها هيفين عشان تحقق غرضها في السخرية والتنمر، ومن اللحظة دي وتوماس اتحول، دبر مكيدة وقتل هيفين، حطها في اوضة تحت الأرض، والأوضة دي كان عاملها عشان ينام فيها لو في أصوات مزعجة جاية من الغابة، لكنه ماكنش يعرف إن بعدين هتبقى أوضة بتجتمع فيها ضحاياه، وفي الليلة اللي قتل فيها هيفين قطعها، وبعد ما قطعها حطها في شوال، الشوال ده اللي بعدين بقى القناع اللي اتعرف بيه، لأن بعد فترة وبعد ما الجثة اتحللت، الانتقام من هيفين ماكنش كافي، والقتل بقى بيجري في دم توماس وقرر ينتقم من كل الشباب، أول حاجة طلع جثة هيفين واخد الشوال، بعدها لبسه عشان تبقى الجثة الأولى دايما قدام عينيه، ولو في لحظة نسي، ريحتها تفكره، واللي ساعد توماس على كده ان هيفين ماكنش ليها اهل، ماكنش ليها غير صحابها وماحدش سأل عليها، لأنها في الليلة اللي اتقتلت فيها كانت مسافرة، فـ هم كانوا فاهمين ان هي خلاص، سافرت ومش راجعة، لكن هو، توماس، ارتكب جرايم كتير، اخرها مذبحة الحفلة، ولما الشرطة عرفت مكانه، حرق نفسه، وبعد ما البيت اتطفى وعدت سنين، انا اتولدت، ولما كبرت عرفت بعدين إن جدي، او بمعنى اوضح، اخو جدي، يبقى سفاح، فقررت اروح البيت، وفيه لقيت مذكراته، كأنه شايلهالي من ساعتها، فقريتها، ووقتها حسيت إني شبهه.

رديت عليه وانا مصدومة من اللي سمعته:

-لكن انت مختلف، وسيم وليك مكانتك.

ضحك بهستيريا وحط ايده على راسه وهو بيبص يمين وشمال، بعدها رد على كلامي وفي عينه نظرة شر:

-هم بيقربوا مني عشان وسامتي وفلوسي، لكنهم في الحقيقة جواهم غير اللي بيقولوه، ايوه.. ايوه، انا في يوم جيبت واحدة معايا هنا وشوفته، شوفت توماس، قالي اقتلها، ماعرفش ايه اللي خلاني اسمع كلامه، بس انا قتلتها، في الأول حسيت برهبه، جسمي ارتعش وكنت خايف، لكن بعدين بدأت المتعة تتملكني، ولما فوقت وشميت ريحة دمها، خدت الجثة ونزلت الأوضة اللي تحت الأرض، قطعتها وسلختها، وبجلدها عملت القناع الخاص بيا، لحد ما جيتوا انتوا، فريستين سهلين، اه ماتستغربوش، أصل فيه قبلكوا كتير، وكل ما العدد يكبر، كل ما الفريسة اللي بعدها بتبقى أسهل من أي مرة، ودلوقتي خليكوا هنا، خليكوا، انا هنزل البدروم واجيب ادواتي وارجع، هرجع عشان اقتلكوا.

روبرت قال اخر كلمة وهو بيضحك بهستيرية، بعدها اخد بعضه ونزل البدروم، ومافيش، لحظات وسمعت حد بيقولي من ضهري:

-اهدي وماتعمليش صوت، انا سيلفيا اللي كنتي قاعدة معاها في الحفلة، دلوقتي انا هفككوا وبعدها هنجري على عربيتي عشان نهرب.

-وعرفتي مكاننا منين؟

-شكيت في اللي قولتيه، فجيت وراكوا وعرفت انكوا قاعدين هنا، ولما جيت شوفت شخص غريب لابس قناع جلد داخل البيت، فاستنيت وفضلت اراقب اللي بيحصل من بعيد.

خدت نفسها وكملت كلام:

-بس كده، انا فكتكوا انتو الاتنين، وادي اللزقة اللي على بوقك.

قالت اخر جملة لمراد، وبمجرد ما فكت اللزقة رد عليها بكلام سريع:

-احنا لازم نمشي من هنا بسرعة.

وفهلا، من غير ولا كلمة زيادة خرجنا برة البيت، لكن سيلفيا لما ركبت العربية ولسه هتدورها.. سمعت صوت ضرب نار، بصيت ورايا شوفت روبرت، كان واقف ومبتسم وعما يصرخ!

-هتموتوا، مافيش مجال للهروب.

رجعت بصيت جنبي، شوفت مراد واقع على الأرض ودماغة بتنزف، ايوه، مراد خد رصاصة اخترقت دماغه، لكن وقتها سيلفيا خرجت من العربية وفضلت تصرخ فيا عشان نمشي، اما روبرت، ف كان بيتمشي وهو بيدندن في اغنية لمايكل چاكسون، كأنه عارف إنه خلاص انتصر كالعادة، فوقت من الحالة اللي أنا فيها وسيلفيا بتحاول تحميني منه، صرخت فيا وطلبت مني اركب العربية، بصيت في عين جثة مراد اللي واقعة على الأرض، حسيتها بتقولي اهربي، فركبت العربية، وبعد ما ركبتها روبيرت حس بالخطر وضرب سيلفيا بالنار ووقعت عالأرض، بس هي اخر حاجة قالتهالي قبل ما تقطع النفس:

-اهربي… اهربي بسرعة.

دورت العربية ومشيت بيها، لكن انا مالحقتش ابعد وروبرت ضرب على العربية نار، ومن سوء حظي ان الرصاصة جت  في كتفي، اتحاملت على نفسي وكملت سواقة لحد ما وصلت لبر الأمان، ومع اول نقطة شرطة حكيتلهم اللي حصل بالتفصيل، ولما رجعوا البيت، مالقوش لا روبرت ولا الجثثث، كأنهم فص ملح ودابوا، وبس.. اتعالجت ومن ساعتها والشرطة بتدور على روبرت، اما عن اخر المستجدات، فانا لقيت رسالة مبعوتالي على موبايلي بعد ما رجعت مصر، رسالة كان مكتوب فيها.. ” انتي.. تحت أعين روبرت”..  بعدها اتبعتتلي صورة ليا، صورة كنت قاعدة فيها في البلكونة، ايه ده!.. الصورة دي لسه حد مصورهالي حالا!.. معقول يكون جه ورايا لحد هنا!
تمت بحمد الله.
#أندرو_شريف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى